( تنبيه ) ظاهر كلامه أن البناء فى المقبرة المسبلة مكروه ولكن يهدم فإنه أطلق فى البناء وقصل فى الهدم بين المسبلة وغيرها ولكنه صرح فى المجموع وغيره بتحريم البناء فيها وهو المعتمد فلو صرح به هنا كان أولى فإن قيل يؤخذ من قوله هدم الحرمة أجيب بالمنع فقد قال فى الروضة فى آخر شروط الصلاة إن غرس الشجرة فى المسجد مكروه ثم قال فإن غرست قطعت وجمع بعضهم بين كلامى المصنف بحمل الكراهة على ما إذا بنى على القبر خاصة بحيث يكون البناء واقعا فى حريم القبر والحرمة على ما إذا بنى على القبر رقبة أو بيتا يسكن فيه والمعتمد الحرمة مطلقا إهـ .
الفقه على المذاهب الأربعة الجزء الأول ص: 536 دار الفكر
يكره أن يبنى على القبر بيت أو قبة أو مدرسة أو مسجد أو حيطان تحدق به كالحيشان إذا لم يقصد بها الزينة والتفاخر وإلا كان ذلك حراما وهذا إذا كانت الأرض غير مسبلة ولا موقوفة والمسبلة هى التى اعتاد الناس الدفن فيها ولم يسبق لأحد ملكها, والموقوفة هى ما وقفه مالك بصيغة الوقف كقرافة مصر التى وقف سيدنا عمر رضى الله عنه. أما المسبلة والموقوفة فيحرم البناء مطلقا لما فى ذلك من الضيق التحجير على الناس, وهذا الحكم متفق عليه بين الأئمة إلا أن الحنابلة قالوا إن البناء مكروه مطلقا سواء كانت الأرض مسبلة أو لا, والكراهة فى المسبلة أشد.
حاشية البجيرمى على الخطيب الجزء الثانى ص: 297 – 298 دار الفكر
ولا يبنى على القبر نحو قبة كبيت ولا يجصص اى يبيض بالجص وهو الجبس وقيل الجير والمراد هنا هما او احدهما, يكره البناء والتجصيص للنهى عنهما فى صحيح المسلم. وخرج بتحصيصه تطيينه فإنه لا بأس به كما نص عليه فى الأم. وقال فى المجموع إنه الصحيح,وتكره الكتابة عليه سواء كتب عليه اسم صاحبه أم غيره, ويكره أن يجعل على القبر مظلة لأن عمر رضى الله عنه رأى قبة فنحاها وقال: دعوه يظله علمه. ولو بنى عليه فى مقبرة مسبلة وهى اتى جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها حرم وهدم لأنه يضيق على الناس, ولا فرق بين أن يبنى قبة أو بيتا أو مسجدا أو غير ذلك ومن المسبل كما قال الدميرى قرافة مصر. قوله ( ولا يبنى ) اى يكره فى غير المسبلة والموقوفة ويحرم فيها كما أشار لذلك الشارح, إلا إن خيف نبشه أو تخرقه سيل له فلا يكره حينئذ. ولا فرق فى عدم الكراهة لأجل ذلك بين المسبلة وغيرها كما صرح به الزركشى إهـ حج. ولو وجدنا بناء فى ارض مسبلة ولم يعلم اصله برك لاحتمال أنه وضع بحق قياسا على ما حرره فى الكنائس ومن الكنائس ومن البناء الأحجار التى جرت عادة الناس بتركيبها. نعم استثنى بعضهم قبور الأنبياء والشهداء والصالحين ونحوهم, برماوى. وعبارة الرحمانى : نعم قبور الصالحين يجوز بناؤها ولو بقبة الأحياء للزيارة والتبرك, قال الحلبى: ولو فى مسبلة, وأفتى به وقال أمر به الشيخ الزيادى مع ولايته. وكل ذلك لم يرتضيه شيخنا الشوبرى, وقال: الحق خلافه وقد أفتى العز ابن عبد السلام بهدم ما فى القرافة ويستثنى قبة الإمام لكونها فى دار ابن عبد الحكم إهـ. ويظهر حمل ما أفتى به ابن عبد السلام على ما إذا عرف حال البناء فى الموضع فإن جهل ترك حملا على وضعه بحق كما فى الكنائس التى تقر أهل الكنائس عليها فى بلادنا وجهلنا حالها, وكما فى البناء الموجود على حافات الأنهار والشوارع اهـ وعبارة شرح م ر: وصرح فى المجموع بحرمة البناء فى المسبلة, قال الأذرعى ويقرب إلحاق الموات بها لأن فيه تضييقا على المسلمين بما لا مصلحة ولا غرض شرعى فيه بخلاف الأحياء اهـ – إلى أن فال - قوله ( مسبلة ) وهى أعم من الموقوفة لصدق تعريفها بموات اعتادوا الدفن فيه, فهذا يسمى مسبلا لا موقوفا شوبرى. قوله ( وهدم ) إلا إن احتيج إلى البناء فيها لخوف نبش سارق أو سبع أو تخرقة سيل فلا يهدم إلا ما حرم وضعه, والهادم له الحاكم اى يجب على الحاكم هدمه دون الآحاد م ر. وقال حج : وينبغى أن لكل أحد هدم ذلك ما لم يخشى منه مفسدة فيتعين الرفع للإمام. قوله ( أو غير ذلك ) ومنه ما اعتيد من جعل أربعة أحجار مربعة محيطة بالقب$D8� كما فى حج,قال سم: إلا إذا كانت الأحجار المذكورة لحفظه من النبش والدفن عليه. ومن المحرم زرع شئ فيها وإن تيقن بلى من بها لأنه يجوز الإنتفاع بها بغير الدفن فيقلع وجوبا, وقول المتولى يجوز بعد البلى محمول على المملوكة إهـ حج أج.
الفتاوى الكبرى الفقهية الجزء الثانى ص : 18 دار الفكر
( وسئل ) رضى الله عنه ما حكم بناء القبور قدر مدماكين فقط وهل يجوز أخذ حجارة القبور لسد فتح اللحد أولبناء قبر ( فأجاب ) بقوله لا يجوز على المعتمد بناء القبر فى المقبرة المسبلة سواء أظهر ببنائه تضييق فى الحال أم لا وهى التى اعتاد أهل البلاد الدفن فيها وإن لم يعرف لها مسبل وألحق بها الأذرعى الموات لأن فيه تضييقا على المسلمين بما لا مصلحة ولا غرض شرعى فيه بخلاف الإحياء وهو أوجه من قول غيره يجوز ويهدم بلا خلاف كما فى المجموع وإن قلنا بالكراهة للتنزيه ويظهر أن الذى يهدمه الحاكم لا الآحاد أخذا من كلامه فى باب الصلح لما يخشى به من الفتنة وسواء فيما ذكر البناء فى حريم القبر وخارجه خلافا لبعضهم ومن المسبلة الموقوفة بل أولى قال الزركشى والبناء فى المقابر أمر قد عمت به البلوى وطم ولقد تضاعف البناء حتى انتقل للمباهاة والشهرة وسلطته المراحيض على أموات المسلمين والأشراف والأولياء وغيرهم فلا حول ولا قوة إلا بالله اهـ وليس هذا خاصا بترب مصر بل انتقل نظير ذلك وأفحش منه إلى تربتى المعلاة والبقيع حتى صار يقع فيهما من المفاسد ما لا يقع فى غيرهما وسببه ولاة السوء وقضاة الجور ثم ظهر إطلاقهم أنه لا فرق بين البناء القليل والكثير لأن علة الحرمة أنه يتأبد بالجص وإحكام البناء فيمنع عن الدفن هناك بعد البلى والانمحاق وهذا يجرى فى البناء القليل فهو حرام كالكثير والله سبحانه تعالى أعلم بالصواب
ولو بني عليه في مقبرة مسبلة وهي التي جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها هدم البناء لأنه يضيق على الناس ولا فرق بين أن يبني قبة أو بيتا أو مسجدا أو غير ذلك ومن المسبل كما قال الدميري وغيره قرافة مصر فإن ابن عبد الحكم ذكر في تاريخ مصر أن عمرو بن العاص أعطاه المقوقس فيها مالا جزيلا وذكر أنه وجد في الكتاب الأول أنها تربة الجنة فكاتب عمر بن الخطاب في ذلك فكتب إليه إني لا أعرف تربة الجنة إلا لأجساد المؤمنين فاجعلوها لموتاكم وقد أفتى جماعة من العلماء بهدم ما بني فيها ( تنبيه ) ظاهر كلامه أن البناء في المقبرة المسبلة مكروه ولكن يهدم فإنه أطلق في البناء وفصل في الهدم بين المسبلة وغيرها إذ لا يمكن حمل كلامه في الكراهة على التحريم لفساده لأن التجصيص والكتابة والبناء في غير المسبلة لا حرمة فيه فيتعين أن يكون كراهة تنزيه ولكنه صرح في المجموع وغيره بتحريم البناء فيها وهو المعتمد فلو صرح به هنا كان أولى فإن قيل يؤخذ من قوله هدم الحرمة أجيب بالمنع فقد قال في الروضة في آخر شروط الصلاة إن غرس الشجرة في المسجد مكروه قال فإن غرست قطعت وجمع بعضهم بين كلامي المصنف بحمل الكراهة على ما إذا بنى على القبر خاصة بحيث يكون البناء واقعا في حريم القبر والحرمة على ما إذا بنى على القبر قبة أو بيتا يسكن فيه والمعتمد الحرمة مطلقا.اهـ (مغني المحتاج ج: 1 ص: 364 ) دار الفكر
(خاتمة ) نسأل الله حسن الختام فى الدميرى في آخر كتاب الوقف ما نصه قال الشيخ السكبي قال لي ابن الرفعة أفتيت ببطلان وقف خزانة كتب وقفها واقفها لتكون في مكان معين في مدرسة الصلاحية لأن ذلك المكان مستحق لغير تلك المنفعة قال الشيخ ونظيره إحداث منبر في مسجد لم يكن فيه جمعة فلا يجوز وكذا إحداث كرسي مصحف مؤبد يقرأ فيه كما يفعل بالجامع الأزهر فلا يصح وقفه ويجب إخراجه من المسجد لما تقرر من استحقاق تلك المنفعة لغير هذه الجهة والعجب من قضاة يثبتون وقف ذلك شرعا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.اهـ والله سبحانه وتعالى أعلم.( إعانة الطالبين الجزء الثالث ص: 186 ) دار الفكر
( فروع ) لبيوت الرباطات والمدارس ونحوها حكم مقاصد الأسواق فيما مر ولا يباح سكناها إلا لفقيه مطلقا أو لمن فيه شرط واقفها ولكل أحد دخول المسجد ونحوها كمن فيه لنحو أكل وشرب ونوم وغير ذلك مما جرت به العادة مما لم يضيق ولم يقذر ولم يطلب تركه فيها كما مر.اهـ (حاشية القليوبى الجزء الثالث ص : 94) دار إحياء الكتب العربية
( مسألة ) يحر وضع المنبر والخزائن والسرر فى المسجد وإن كان لطلبة العلم المنقطعين عن أوطانهم ولم يتضرر بها المصلون لأن فى ذلك تحجيرا وتضييقا على المصلين كما لا يجوز وضع المصطبة فى الشارع المتسع للمسلمين وليس هذا كالخيمة المضروبة فى المسجد للحاجة فإن ذلك جائز لأنه لا يدوم.اهـ (غاية تلخيص المراد بهامش بغية المسترشدين ص : 95 - 96 ) دار الفكر